مقالاتمقالات طبية

تقنية جديدة تعيد الحياة للأعضاء الميتة

في خطوة غير مسبوقة على طريق إحياء الخلايا التالفة، نجح علماء من جامعة “ييل” الأمريكية في التوصل لتقنية جديدة تعيد الحياة للأعضاء الميتة.

وحققت التقنية الجديدة نجاحاً هو الأول من نوعه بعدما أعادت الدورة الدموية وأحيت خلايا تالفة في بعض الخنازير بعد ساعة كاملة من موتها.

هذه النتيجة دفعت الباحثين للتفاؤل بشأن إمكانية تطبيق الآلية على أعضاء البشر بعد وفاتهم لاستغلالها في أجساد آخرين.

قبل ثلاث سنوات، تمكن نفس الفريق من اختراع مولّد لصيانة الأوعية الدموية الدقيقة في أدمغة الخنازير الميتة.

وقد لاقت الدراسة التي نشرتها آنذاك دورية “نيتشر”، صدى واسعًا في صفوف الباحثين بعدما تمكن المولّد الذي يحمل اسم ” BrianEx” من دعم الحاجات الأيضية لأدمغة الخنازير.

لقد تمكن هذا المولد من حماية خلايا دماغ الخنزير من التلف لمدة تصل إلى أربع ساعات كاملة بعد الوفاة.
إلى جانب ذلك، نجح ذلك المولّد في استعادة كافة الخصائص الوظيفية والهيكلية في دماغ الخنزير.

كشف أمراض القلب الخطيرة عن طريق الذكاء الاصطناعي

إصلاح الخلايا التالفة

أما الابتكار الجديد للفريق البحثي فيتمثل في التوصل لتكنولوجيا يمكنها إعادة الدورة الدموية للدماغ وإصلاح الخلايا التالفة بعد ساعة كاملة من الوفاة.

البحث الجديد نشرته أيضًا مجلة “نيتشر” العلمية اليوم الأربعاء، وقال رئيس الفريق البحثي نيناد سيستان في مؤتمر صحفي إنهم ابتكورا جهازاً يحمل اسم”OrganEx” .

وقال سيستان إن الجهاز الجديد يمكنه توفير سائل يقي الخلايا ويحفظ الأعضاء والأنسجة في الخنازير بعد ساعة من موتها.

هذا الجهاز يشبه جهازاً آخر يستخدم مع القلب والرئة وهو يعتمد على سائل مكون من مركبات تعزز صحة الخلايا وتزيل الالتهاب من كافة أعضاء الجسم.

إعادة انقباض القلب

خلال التجربة، أحدث الباحثون سكتة قلبية للخنازير وقاموا باختبار التقنية الجديدة بعد ساعة كاملة من الوفاة.

وظل الجهاز يعمل طيلة ست ساعات ليجد العلماء أن بعض الوظائف الأساسية للخلايا كانت تعمل في عدد من مناطق الجسم.

كانت الخلايا تعمل في الكبد والقلب والكلى، واستعادت الأعضاء وظائفها وتأكد الباحثون من وجود حركة كهربائية في القلب تحافظ على انقباضه

إلى جانب، استعاد الخنزير الميت دورته الدموية في كافة أنحاء الجسم، وهو ما أثار دهشة الفريق بحسب سيستان.

عندما يتوقف القلب عن العمل تنتفخ أعضاء الجسم تدريجياً وتنهار أوعيته الدموية ويتوقف الدم عن التدفق، لكن التجربة أعادت جريان الدم مجددًا في خلايا وأنسجة الخنزير بعد موته.

لكن العلماء لم يتمكنوا من تمييز الأعضاء السليم والآخر الذي عاود العمل بفضل الجهاز الجديد، حتى باستخدام العين المجردة.

في الأخير، قد يكون لهذه التقنية الجديد تطبيقات كثيرة محتملة مستقبلاً بما في ذلك محاولة إطالة عمر أعضاء البشر المريضة.

من المحتمل أيضًا أن يساعد الجهاز الجديد على توفير مزيد من الأعضاء المرشحة للزرع في أجساد أخرى.

وربما يفيد الجهاز في إصلاح الأعضاء التالفة في الجسم أو الأنسجة التي تضررت خلال السكتات الدماغية أو النوبات القلبية.

اللافت أن العلماء لم يتمكنوا حتى الآن من معرفة الطريقة التي تمكن من خلالها الجهاز من إحياء الأعضاء الميتة.

ومن المفترض أن يجري الباحثون مزيدًا من الدراسات على تفاصيل عمل الجهاز بالجسم بعد الموت.

في الوقت الراهن، يعتمد الأطباء على تقنية “أكسجة الأغشية” لمساعدة المرضى الذين تتوقف قلوبهم داخل المستشفيات.

وتعمل هذه التقنية على محاولة إبطاء موت الخلايا على أمل استعادة الجسم عمله مجدداً والنجاة من الموت.

لكن التقنية الجديدة خطت خطوات واسعة على طريق الحيلولة دون الموت السريع للأعضاء والخلايا لأنه ينشط عملية إصلاح الخلايا من خلال تنشيط الجينات المسؤولة عنها.

تستخدم “الأكسجة” لإنقاذ حياة مرضى القلب والرئة وحاول العلماء الاعتماد عليها لإنعاش أعضاء من فشلت محاولات إنعاشهم.

من المحتمل أن تؤدي التطورات الجديدة إلى تعزيز عمليات توصيل الدم للأعضاء التي انقطعت عنها وهو ما يعرف بـ”التروية”.

وربما تساعد الأطباء مستقبلاً في إنعاش المرضى الذين يوشكون على الوفاة بشكل أكبر، والاستفادة من الأعضاء بعد الوفاة بشكل أكبر.

إعادة النظر في “إعلان الوفاة”

السؤال المثير للجدل حاليًا، هو كيف يمكن للطبيب إعلان وفاة شخص ما طبياً ما دامت هناك آلية لإعادة الحياة إلى أعضائه وخلاياه بعد ساعة من الموت؟

أستاذ الصحة بجامعة ولاية نيويورك براندان بيرنت والذي لم يُشارك في الدراسة، نشر مقالاً في مجلة “نيتشر” قال فيه إن استخدام تقنية OrganEx سيكون مفيداً جدًا في عمليات التبرع بالأعضاء بعد موت جذع المخ.

وأوضح بيرنت أن موت جذع المخ يكون أمرًا لا رجعة فيه لأن الميت لن يعود للحياة أبدًا في هذه الحالة، وبالتالي يمكن الاعتماد على التقنية الجديدة في هذه الحالات فقط.

في الأخير، دعا المتخصصون بقوة لالتزام الأخلاق بصرامة في التعامل مع الحالات باستخدام هذه التقنية على البشر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى